هديه صلى الله عليه وسلم في الكلام ( الجزء الاول )
قال معاذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم : وهل نؤاخذ بما تكلمت به ألسنتنا ؟ قال : فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذ معاذ ثم قال : " يا معاذ ثكلتك أمك وهل يكب الناس على مناخرهم في جهنم إلا ما نطقت به ألسنتهم فمن كان يؤمن بالله واليوم والآخر فليقل خيراً أو يسكت عن شر. قولوا خيراً تغنموا واسكتوا عن شر تسلموا ".[1]
" فبهذا المخلوق الصغير يعبر الإنسان عن بغيته ويفصح عن مشاعره به يطلب حاجته ويدافع عن نفسه ويعبر عن مكنون فؤاده .... بحادث جليسه ويؤانس رفيقه وبه السقطة والدنو والرفعة والعلو " [2] ، قال صلى الله عليه وسلم : " من يضمن لي ما بين لحييه وما بين فخذيه أضمن له الجنة ".[3]
قال الشاعر :
احذر لسانك أيها الإنسان *** لا يلدغنـك إنـه ثعبـان
والله إن الموت زلة لفظـة *** فيها الهلاك وكلها خسران
" كم من صائم أفسد صومه يوم فسد لسانه وساء منطقه واختل لفظه ؟ ليس المقصود من الصيام الجوع و الظمأ بل التهذيب والتأديب . في اللسان أكثر من عشرة أخطاء إذا لم يتحكم فيه . من عيوبه الكذب والغيبه والنميمة والبذاء والسب والفحش والزور واللعن والسخرية والاستهزاء وغيرها "[4] ، والمسلم الحق هو كما قال صلى الله عليه وسلم " من سلم المسلمون من لسانه ويده "[5]
وقال صلى الله عليه وسلم : " إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لايلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لايلقي لها بالا يهوي بها في جهنم " [6]والعياذ بالله .
إذا ماهو هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الكلام ؟
هديه صلى الله عليه وسلم في الكلام هو :
أولاً : أنه نهى عن الصمت إلى الليل عن علي رضي الله عنه قال : " حفظت عن رسول صلى الله عليه وسلم : لا يتم بعد احتلام ولاصمات يوم إلى الليل "[7] ، أي سكوت يوم إلى الليل.
ثانياً: كان صلى الله عليه وسلم طويل الصمت " عن جابر بن سمره رضي الله عنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم طويل الصمت قليل الضحك " [8] .
كيف نوفق بين الأول والثاني ؟
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر من الصمت ويتكلم عند الحاجة .
ثالثاً : من صفات كلامه صلى الله عليه وسلم :
أولاً: أنه أوتي جوامع الكلم : قال صلى الله عليه وسلم : " بعثت بجوامع الكلم ونصرت بالرعب"[9].
والمقصود بجوامع الكلم : قال النووي رحمه الله ، قال الهروي : يعني به القرآن الكريم ، جمع الله تعالى في الألفاظ اليسيرة منه المعاني الكثيرة وكلامه صلى الله عليه وسلم كان بالجوامع قليل اللفظ كثير المعاني .[10]
ثانياً: عن أنس رضي الله عنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعيد الكلمة ثلاثة لتعقل عنه " [11]
ثالثاً: عن عائشة رضي الله عنها قالت : " ماكان رسول صلى الله عليه وسلم يسرد كسردكم هذا ولكنه كان يتكلم بكلام بين فضل يحفظه من جلس إليه " [12] ، وقالت : كان كلامه صلى الله عليه وسلم كلاماً فصلاً يفهمه كل من سمعه " [13]
انتظروا الاجزاء التالية
والمقصود بالفصل هو : " عدم الموالاة بين الجمل بل يفصل بعضها عن بعض " [14]